متابعات إعلاميةمقالات

حزب (حادي) وطريق الريادة

حزب الوطن الديمقراطي (حادي)

يسعى حزب الوطن الديمقراطي (حادي) الحزب الإسلامي سابقا ، لطرح نفسه كحزب عام مفتوح للجميع، بعد أن كان حزبا فئويا مقتصرا على مكون معين من مكونات الوطن الثنائية في ارتريا، وذلك بانفتاحه علي كل مكونات المجتمع الارتري، دون فرز طائفي، أو تبني ايدلوجية فكرية معينة، في سبيل لملمت جراح الوطن المتطاولة، وحشد كل الطاقات البشرية والمادية من أجل رفع الظلم والطغيان الذي يجثم على صدر الشعب الارتري منذ فجر الاستقلال، ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، وهو حشد أكبر قدر من الناس تحت رايته الجديدة، بتبني الحزب سياسة الانفتاح علي الجميع، ببرنامج سياسي شامل، وفكر متجدد ومنفتح، وممارسة سياسية حزبية ديمقراطية، وقيادة شبابية مستوعبة تحديات المرحلة ومتطلباتها.

ويتمتع (حادي) بكثير من الميزات التي تجعل منه حزبا رائدا، وكيانا جامعا، فهو حزب يمتلك كثير من مقومات الريادة والقيادة إذا استطاع توظيف تلك المقومات لصالح نفسه أولا، ثم لصالح عموم المعارضة والوطن.

وفيما يلي اهم تلك المقومات:

  • الرصيد النضالي الطويل: يمتلك الحزب تجربة عملية نضالية ثرة، وخبرة سياسية ونقابية، ممتدة عبر عمره النضالي الطويل، سواء على مستوى الافراد حيث أن الكثير من كوادره وقياداته التاريخية ناضلت في صفوف التورة التحررية إبان الكفاح المسلح، أو حتى في صفوف المعارضة بمختلف اطوارها بعد التحرير، أو عبر ممارسته العملية والنقابية واهمها مؤتمراته الدورية الراتبة، وهياكله القيادة عبر التداول والتدوير القيادي، سواء على مستوى هرم القيادة او على مستوي المجالس النيابية والتشريعية. أو التجارب الميدانية من خلال منظمات المجتمع المدني المختلفة التي يديرها أو يمتلكها الحزب
  • العلاقات المتميزة والواسعة: التي تربطه بكثير من مكونات المعارضة سواء على مستوى كياناتها الاعتبارية أو الافراد، والثقة والمكانة التي يتمتع بها وسط المعارضة كحزب طليعي مبادر، ووسطي جامع ومنفتح على الجميع.
  • علاقات الحزب الإقليمية: يتمتع بكثير من العلاقات الجيدة مع الأحزاب والحركات المطلبية في المنطقة إذا استطاع توظيف تلك العلاقة لصالح الوطن وعموم المعارضة.
  • الإمكانات البشرية والنوعية: حيث يمتاز الحزب بعدد مقدر من الكوادر القيادية المتقدمة والوسيطة، وعضوية نوعية مؤهلة تحتاج فقط الي التأطير والتدريب والاعداد المتطور والمتقدم.
  • منتوج الحزب من المواثيق والدساتير ونظم داخلية محكمة ودقيقة وشفافة وبرنامج سياسي شامل يستوعب مختلف مكونات الوطن ويلبى كل الطموحات، ووضوح منهجه في العمل فهو حزب رائد في هذا المجال هو دائم التطور في الأداء والمنهج والقيادة، وخير مثال هو من يقود الحزب اليوم شباب في غالبه الأعظم دون الأربعين ربيعا.
  • البناء الداخلي المتين للحزب:

البناء الداخلي والترابط العضوي ،هي السمة البارزة ، والوضوح والشفافية هي الحبل السري الذي يربط بين القاعدة والقيادة ، هو المعيار الحقيقي لقياس قوة وتماسك أي حزب ، والبناء الداخلي يتمظهر في بنية الحزب التنظيمية والإدارية ، و الهيكل التنظيمي الذي يدير دولاب العمل، بانسيابية مطلقة دون عوائق بيقرا طيبة او كوابح إدارية ، غير متأثر بعوامل داخلية أو ظروف خارجية ، فرغم أن الحزب وفي فترات متقاربة فقد كثير من قياداته المؤسسة وذات الثقل الفكري والسياسي والتنظيمي ولكنه ظل متماسكا ، وقويا ويخرج من كل مؤتمر من مؤتمراته بقرارات وتوجهات جريئة ومصيرية ، دون أن تؤثر تلك القرار في بنية الحزب الداخلية أو تماسكه التنظيمي ، بما يوحى بان تلك القرار ماهي إلا نتائج حوار داخلي شفاف ، وعصارة أفكار ونقاشات تتبور من خلال أوعية الحزب الداخلية قبل أن توضع كأوراق في منضدة المؤتمرات لتأخذ اشكالها القانونية ، كل تلك السمات ، وخاصة في ظرف مثل الظرف الذي تعمل فيه المعرضة الارترية ، حيث العيش خارج الوطن وهموم المواطن اليومية ، وقلة النصير الخارجي، وتقلب المحيط الإقليمي حسب المصاح التي تحكمها ساسة رزق اليوم التي لا تبني علي الاستراتيجيات بل علي التكتيكات ، توحى بقابلية الحزب ليكون رافعة تقود قطار المعارضة اذا صلحت النوايا .

واهم مقومات نجاح أي فكرة هو الايمان بها ايمانا يفضي الي التضحية في سبيلها بالنفس والنفيس. فان نجاح الحزب في تبني النهج الجديد متوقف على الاتي:

1/ المال والإرادة:

اللذين يجعلان من الخطط واقعا معاشا، انظر الي الصين اين وصلت خلال سبعين عام فقط من انطلاقة ثورة النهضة فيها، بالعلم والتخطيط والإرادة والاستفادة من تجارب الاخرين والبناء على المنجزات البشرية، والاستفادة ومنها وليس البداية من الصفر، هي اليوم قبلة كل العالم لإنقاذ البشرية من جائحة (كرونا) فالتجارب البشرية هي ملك متاح للجميع وكثير من التجارب الناجحة حول العام.

2/ وضوح الرؤية المعززة باستراتيجية مبنية علي العلم والاعداد والتخطيط الدقيق:

وحتى يكون حزب (حادي) رائد لابد ان يستفيد من الموارد البشرية التي يمتلكها بالتأهيل والتدريب والتعليم والتطوير فمن يريد الريادة لابد ان يعد لها الاعداد الجيد، إعداد عمليا وليس بالأماني والاحلام، فكم يملك الحزب من كوادر مؤهلة تقود الدولة؟ كم يملك من السياسيين المؤهلين لقيادة دولاب العمل اليومي في الدولة ، كم من المفاوضين اللبقين المتدربين على دهاليز التفاوض والحوار الشاق الذي ينتظره ، بعد العبث الذي يمارسه النظام الحالي في الوطن من تشذى وتفكك في بنية المجتمع ، والصراع الطائفي والمناطقي المشتعل ، والمظالم المجتمعية العميقة ، ونهب ومصادرة الأراضي والممتلكات الشخصية ، والفقر المدقع والتجهيل المتعمد لأجيال المستقبل ، وصراع المحاور الإقليمية التي ادخل النظام فيها الوطن و افساد علاقات الجوار والاقليم الاستراتيجية ، كل تلك القضايا الشائكة تحتاج الي كوادر سياسية عالية المستوى والتأهيل .

كم يملك الحزب من رجال المال والاقتصاد ومن إعلاميين ومتحدثين يقارعون الخصوم والاعداء والاعلام اليوم سلاح العصر الاقوى، كم يملك من كتاب ومفكرين، الذين ينظرون ويفكرون ويخططون ويضعون استراتيجيات النهوض والتقدم العلمي والتقني للوطن، ان لم يكن عنده صورة واضحة لا لبس فيها، في كل مجال من مجالات هياكل الدولة الأساسية فلازال في الاحلام يغط، ووراء سراب بقيع يلهث، ويدعى الريادة ولن تأتي الريادة بالأماني.

ولابد ان يستفيد الحزب وهو يسعى الي الريادة من تجارب الاخرين، فللحركة الإسلامية السودانية (بعيدا عن وضعها اليوم) تجربة يجب الاستفادة القصوى منها في حالتي التمكين، والتفريط، كيف وصلت للحكم؟ ولماذا غادر السطلة مرغمة؟ فهي لها تجربة ثرة ورائدة لو يتم الاستفادة منها ، كيف إنها يوم جاءت الي الدولة كانت مكتملة الأركان ، تأهيلا وتدريبا تعليما وتفكيرا وتنظيرا ، ورجال أعمال واقتصاديون ، وبل وحتى بنوك ، قد يقول قائل ان تلك الحركة ترعرعت وشبت في أرضها ووسط جماهيرها ، وفي دولة لها قوانين ودساتير ومؤسسات ، وتمارس عملها في ميدان مفتوح ، وتلك حقيقة ولكن ليست حجة مقبولة في اعتقادي ، فالفكر لا يحتاج الي مساحات أرضية قدر حاجته الي العقول، والتنظير لا يتطلب أكثر من القلم والعقل والإرادة ، وكم من مفكرين قادوا أحزابهم من الاقبية والزنازين ، والمال لا يحتاج الي دولة معينة او جنسية محددة لينموا ويزدهر بل الي بذرة صالحة وإرادة طامحة ، فالإمكان أن تستثمر مالك وتكون رجل أعمال ناجح في أي بلد اذا كانت لديك رؤية واضحة وإرادة جامحة ، وهدف محدد ومعلوم ، واستراتيجية مبنية على التخطيط .

والتعليم، كان متاح ومتوفر في السودان وكم من الكوادر التي تم التفريط فيها لعدم وجود رؤية واضحة، لاستيعابها، فكم من الأطباء والمعلمين والاقتصاديين، والإعلاميين المنتشرين اليوم حول العام والذين نالوا قسطا وافرا من التعليم، يخدمون شعوب العالم اليوم، لعدم وجود مؤسسات تستوعبهم، وهم الذين كانوا يحلمون بوطن يخدمونه، وشعب يسهرون من اجله، فما المانع ان تنشئ مستشفى تعليما وخدميا في وسط اللاجئين؟ وتقدم من خلاله خدمة لشعبك وتأهيلا لكوادرك، وتكسب منه مالا، وسمعة وجمهورا، ما المانع من انشاء مؤسسة تعليمية؟، في إحدى مدن السودان الشرقية وتستوعب فيها كل الفاقد التربوي الذي كان مصيره الشارع بعد اكمال الثانوية، فتقدم فيها خدمة لشعبك وتستوعب فيه كل خرجي الجامعات الذي لم يجدوا وطن يستوعبهم، ولا تنظيما يوفرهم مؤسسات تثقلهم بالخبرة والتجربة والمعرفة، ويعطونها عصارة جهدهم وخبرتهم العلمية.

ما المانع من تأسيس شركات استثمارية في كل المجالات؟ وقد كان السودان مفتوحا ولا زال وكل الناس تقريبا تمتلك الجنسية، الا غياب الرؤية الواضحة واستراتيجية بعيدة النظرة، وتقدير الموقف، وكثير من البدان الأخرى كان بالإمكان الاستفادة منها أيضا كل حسب المتاح فيها.

تجرية أخري جديرة بالدراسة والتعمق فيها أيضا ومن واقعنا رغم اختلافنا المبدئ معها ، ولكنا نتحدث هنا عمل منظم ومدروس، ومخطط له ، إنها تجربة الجبهة الشعبية ، الحاكمة اليوم في ارتريا ، فإنها كانت فعلا حزبا رائد اختلفنا معه أم اتفقنا ، استحقاقا كانت تلك الريادة او ظلما وعدوانا ، هذه قضية اخري ، ولأنها كانت لها رؤية واضحة، وهدف محدد ، واستراتيجية مبنية علي قراءة الساحة جيدا ، وبناء علي تلك الدراسة ، اعدت مشروعها ونفذته بإتقان ، تخلصت من كل خصومها المحتملين افرادا وكيانات قبل الدخول الي معمعة الدولة حتى لا تعرقل رؤيتها ، ومن امتطت ظهورهم واجتازت بهم وعورة الطريق نحو قصور اسمرا ، جاء الدور عليهم بعد التمكين ، فهي كانت جاهزة للدولة حتى و هي في الثروة والغابة ، فلكنا يدري ، كم من المرضى كانوا يذهبون و يتعالجون في (عريرب) أو( بليقات) .

وكلنا يعرف الاعلام القوية والموجه الذي كانت تمتلكه الجبهة الشعبية، وكم كان دور هذا الاعلام في الحشد وبث الحماس والدفع بالشباب الي ساحة الثورة عبر الفرق الفنية، والمسرحيات الحماسية المؤثرة، التي كانت تجوب معسكرات المهاجرين، ثم تعود الي الميدان محملة بقدر كبير من الشباب المتعطش للحرية والوطن، وكم من شركات الاستثمارات التي كانت تديرها الجبهة الشعبية في السودان وربما غيره، عبر الافراد، او المؤسسات العابرة للحدود.

هاتين تجربتين من محيطنا ومن بئتنا يمكن الاستفادة منها ونحن ننشد الريادة، أما التجارب الإقليمية والعالمية فحدث ولا حرج لمن يريد التعلم والاستفادة.

الخلاصة:

لن نبلغ المراد مالم نغير أفكارنا، ونستوعب التحديات، ونستحضر ما ينتظرنا في الدولة والوطن الذي ننشد، وبناء عليه ندع الاستراتيجية العلمية والعملية ونستفيد من المتاح عندنا ونوظف ما نمتلك من الأدوات، ونبحث عن التكامل مع الغير بكل جدية وأمانة.

  • الاستفادة من عضوية الحزب وتوظيف قدراتها وإمكانياتها التوظيف الصحيح، وتكييف وضعها حسب الظرف المحيط بها، فعضوية الشرق الأوسط والخليج لها وضع خاص لابد من مراعاته، والاستفادة منها في إطار إمكاناتها، فالإمكان عمل شراكات زكية مع مثل هذه العضوية مثل انشاء شركة مساهمة يكون دور الحزب فيها تقديم دراسة الجدوى واختيار موقع الاستثمار، بناء على علاقاته، وإدارة هذه الشركة ويكون له منها نسبة متفق عليها.
  • عضوية الغرب واروبا ينطبق عليها نفس الفكرة السابقة بالإضافة الي العمل السياسي والإعلامي نسبة للحركة والحرية المتاحة هناك.
  • عضوية ماليزيا والهند والسودان عليها بالإنتاج الفكري العلمي كموجهات أساسية بالاستفادة من النهضة التي تنتظم في تلك البيئات
  • لابد من إيجاد شركة مالية مثل (صرافة) تصبح نواة لمؤسسة مالية كبيرة مستقبلا. يمكن يتم ذلك بتنظيم حملة تبرعات شاملة لكل العضوية ثم اكمال باقي راس المالية عن طريق طرح أسهم للعضوية المقتدرة مالية وبنسب معروفة.
  • لابد من تدريب وتأهيل على الأقل عدد (20) كادر مؤهل تأهيلا متقدما في كل مجال من مجالات الدولة الأساسية (الاعلام، السياسة والتفاوض، المال والاقتصاد، الفكر والتخطيط، ….. الخ).
  • لابد ان تحدد بزمن معين (أربع سنوات، ثلاثة سنوات) الانتهاء من اعداد هذه الكوادر.
  • العمل بجد واجتهاد وتظليل كل الصعاب لاستعادة كوادر الحزب التي غادر الحزب مغاضبة.
  • العمل على استيعاب كل النشطاء وخاصة الإعلاميين في وسائط التواصل الاجتماعي.
  • هذه بعض الملامح في قد تقود الحزب الي طريق الريادة، في سبيل اللحاق بما تبقى من الوطن قبل التباكي اللبن المسكوب في صيف ارتريا المستقبل.

بقلم عمر سعد الله.

تقييم المستخدمون: 1.6 ( 1 أصوات)
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق